Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
فلسفة تحليل نفسي

دروس تأملات مقالات

مجزؤة المعرفة / مفهوم النظرية العلمية

مجزؤة المعرفة

ذ. عبد السلام أولباز ثانوية محمد السادس ورززات

مدخل

يحضر الإنسان في العالم كذات عارفة. يتلقى الوجود ويحوله إلى معارف. يتوسل الإنسان في بناء معرفته بوسائط يتمتع بها. يمكن أن نميز ثلاثة وسائط أساسية: الحواس والعقل والوجدان.

في تمايز هذه الوسائط تتمايز المنطلقات. فهل هذا يعني أن المعرفة الإنسانية مختلفة المراتب والأنواع والخطابات؟

هل تتميز المعرفة الحسية عن العقلية وعن الوجدانية في النوع والمرتبة مثلا، أم أن حركة المعرفة كلية تجتمع فيها هذه الوسائط حتى في مستوى المعرفة العالمة، في الفلسفة والعلم والدين وغيرها؟

في لوحة «الليلة المضيئة» لفان كوخ يعبر الفنان الهولندي عن تمثله لحركة الكواكب والنجوم والتيارات الهوائية، وهي من أعقد الدراسات في العلم.

درس فريق من العلماء المكسيكيين البنية الرياضية لهذه اللوحة الفنية. اتضح أن خيال الفنان لم يختلف عما بينه الاستدلال الرياضي.

ألا يدل هذا على أن بناء المعرفة الإنسانية بناء كلي تحضر فيه الذات والعالم في تماهي وتشاكل محيرين؟ ألا يفسر هذا الأمر ارتباط المعرفة بالوجود والتجربة الذاتية للإنسان، التي لا تنفصل عن الزمان والمكان. فهي لذلك متغيرة تقبل التفنيد؟

المفهوم الأول:

النظرية العلمية

مقدمة

في كتابه «نقد العقل الخالص» يتأمل الفيلسوف الألماني إيمانويل كنط مجموعة من التجارب العلمية لغاليلي وتورشيلي وشتلا.. والتي اعتبرت نتائجها كشفا مذهلا بالنسبة للعلماء.

يبين كنط دور العقل والتجربة في المعرفة الإنسانية. فعالم الظواهر لا ينكشف إلا عندما يتقدم العقل نحوه بأسئلته ومبادئه وأحكامه التي تنتظم من خلالها الظواهر وفق قوانين ثابتة.

يواجه العقل الطبيعة بمبادئه ومقولاته «التي هي وحدها قادرة أن تمنح للظواهر المتطابقة قوانين صارمة» من جهة. والتجريب الذي يتصوره وفقا لهذه المبادئ، من جهة أخرى.

يتعلم العقل من الطبيعة ليس «كتلميذ» ينصت ويتقبل ما يلقى عليه بل «بوصفه قاضيا» يحكم بعد أن يرغم الطبيعة على أن تجيب عن أسئلته.

إذن، فالمعرفة الإنسانية تتراتب في بنائها أحكام العقل ومبادئه ومعطيات التجريب الذي يستنطق بواسطته العقل الطبيعة في نظر كنط..

قضايا وتساؤلات

  1. بناء النظرية العلمية:

فإذا كانت المعرفة الإنسانية في مستوياتها العالمة، عموما، والعلم، خصوصا، تترجم إلى نظريات. فما هو منطلق بناء النظريات في العلم؟ هل تنبني على الاستدلال العقلي والبناء الرياضي أم على التجريب والاستقراء من الطبيعة أم على الحوار بين هذه المنطلقات؟

يدل مفهوم النظرية، في العلم، على نسق يتكون من مفاهيم وقوانين وتصورات تعبر عن تأويلات علمية للظواهر والموضوعات.

 

  1. معايير علمية النظريات

في كتابه «علم مع وعي» يقر إدغار موران وغيره من فقهاء العلم، بأن تاريخ العلم هو تاريخ نظريات متغيرة تقبل التكذيب. فحركة العلم «ليست حركة في اتجاه امتلاك الحقيقة وتوسيع نطاقها، إنها حركة تختلط فيها المعركة من أجل بلوغ الحقيقة مع الصراع ضد الخطأ». وهو ما يطرح قضية معايير علمية النظريات.

ماهي معايير علمية النظريات؟ هل النظرية العلمية هي التي تقبل التحقق التجريبي أم التي تقبل التكذيب والتفنيد، ...؟

المفهوم الأول:

النظرية العلمية

مقدمة

في كتابه «نقد العقل الخالص» يتأمل الفيلسوف الألماني إيمانويل كنط مجموعة من التجارب العلمية لغاليلي وتورشيلي وشتلا.. والتي اعتبرت نتائجها كشفا مذهلا بالنسبة للعلماء.

يبين كنط دور العقل والتجربة في المعرفة الإنسانية. فعالم الظواهر لا ينكشف إلا عندما يتقدم العقل نحوه بأسئلته ومبادئه وأحكامه التي تنتظم من خلالها الظواهر وفق قوانين ثابتة.

يواجه العقل الطبيعة بمبادئه ومقولاته «التي هي وحدها قادرة أن تمنح للظواهر المتطابقة قوانين صارمة» من جهة. والتجريب الذي يتصوره وفقا لهذه المبادئ، من جهة أخرى.

يتعلم العقل من الطبيعة ليس «كتلميذ» ينصت ويتقبل ما يلقى عليه بل «بوصفه قاضيا» يحكم بعد أن يرغم الطبيعة على أن تجيب عن أسئلته.

إذن، فالمعرفة الإنسانية تتراتب في بنائها أحكام العقل ومبادئه ومعطيات التجريب الذي يستنطق بواسطته العقل الطبيعة في نظر كنط..

قضايا وتساؤلات

  1. بناء النظرية العلمية:

فإذا كانت المعرفة الإنسانية في مستوياتها العالمة، عموما، والعلم، خصوصا، تترجم إلى نظريات. فما هو منطلق بناء النظريات في العلم؟ هل تنبني على الاستدلال العقلي والبناء الرياضي أم على التجريب والاستقراء من الطبيعة أم على الحوار بين هذه المنطلقات؟

يدل مفهوم النظرية، في العلم، على نسق يتكون من مفاهيم وقوانين وتصورات تعبر عن تأويلات علمية للظواهر والموضوعات.

 

  1. معايير علمية النظريات

في كتابه «علم مع وعي» يقر إدغار موران وغيره من فقهاء العلم، بأن تاريخ العلم هو تاريخ نظريات متغيرة تقبل التكذيب. فحركة العلم «ليست حركة في اتجاه امتلاك الحقيقة وتوسيع نطاقها، إنها حركة تختلط فيها المعركة من أجل بلوغ الحقيقة مع الصراع ضد الخطأ». وهو ما يطرح قضية معايير علمية النظريات.

ماهي معايير علمية النظريات؟ هل النظرية العلمية هي التي تقبل التحقق التجريبي أم التي تقبل التكذيب والتفنيد، ...؟

المحور الأول:

بناء النظرية العلمية (النظرية والتجريب)

 

مفاهيم

المنهج التجريبي

يعتبر فرانسيس بيكون مؤسس المنهج التجريبي في الفكر الأوربي؛

يقوم هذا المنهج على مبدأين: الإنصات إلى الطبيعة والتحقق التجريبي؛

يحدد كلود برنار في كتابه «مدخل إلى دراسة الطب التجريبي» أربع مراحل في المنهج التجريبي: 1-معاينة الوقائع؛ 2- الفرضية وهي ميلاد فكرة أو تفسير محتمل وسابق على التحقق التجريبي لواقعة أو مجموعة من الوقائع؛ 3- التجريب؛ 4- الاستنتاج،

التجربة العلمية

تختلف التجربة العلمية عن التجربة الحسية أو الخبرة الواقعية؛

التجربة العلمية إجراءات يبدعها العالم ويتصورها لأجل التحقق من الفرضيات التي تجيب عن التساؤلات المتولدة من ملاحظاته للظواهر المعطاة في الطبيعة مهما اختلفت أبعادها ومستوياتها.

التجربة هي مختلف الظواهر التي يدرسها العلم بأبعادها ومستوياتها المتناهية في الصغر إلى المتناهية في الكبر.

 

أولا البناء التجريبي للنظرية العلمية

مثال للنظريات التجريبية

نظرية التجاذب الكوني لإسحاق نيوتن

تفسر هذه النظرية ظاهرة التجاذب بين الأجسام.

هذه الظاهرة مسؤولة عن الثقل وحركة الكواكب وتوسع الكون؛

ينتج التجاذب عن علاقة بين ثلاثة متغيرات هي الكتلة والمسافة وثابتة التجاذب؛

هذه العلاقة تصوغها المعادلة الرياضية التالية:

(F=(G*m1*m2/d2

 

كيف تم بناء نظرية التجاذب الكوني؟

1- معاينة نيوتن لظاهرة سقوط الأجسام؛

2- فرضية وجود قوة تتجاذب بواسطتها الأجسام فيما بينها والتي تتغير بحسب الكتلة والمسافة...

3- التحقق التجريبي من الفرضية، حيث بلور نيوتن مجموعة من السيناريوهات التجريبية لقياس الظاهرة مخبريا؛

4 استنتاج الملاحظات والعلاقات بين المتغيرات المتدخلة في الظاهرة، والتي تختزلها المعادلة الرياضية أعلاه.

استنتاج وملاحظات

أطروحة فرانسيس بيكون وكلود برنار

يعتقد كل من فرانسيس بيكون وكلود برنار أن المنهج التجريبي هو أساس دراسة الظواهر الطبيعية. إذ على العالم أن ينصت ويصور الظواهر الطبيعية من دون أن يتدخل فيها بأفكار مسبقة وأحكام ذاتية تؤثر على الموضوعية في العلم. يقول فرانسيس بيكون: «إن فهم الطبيعة يقتضي الرجوع إلى الطبيعة ذاتها" وهو ما يعني حسب كلود برنار، في كتابه" المدخل لدراسة الطب التجريبي" أن ذهن العالم" يشتغل بين ملاحظتين، تمثل الأولى منطلق البحث العلمي وتمثل الثانية خلاصة الاستدلال العلمي"

تتبين إذن الطبيعة الاستقرائية لنظرية التجاذب الكوني لنيوتن.

غير أن هذا لا يعني غياب عمل العقل في هذا البناء الاستقرائي أو الاختباري.

فعملية التجريب بناء عقلي لحمل الطبيعة على الكشف عن القوانين التي تنتظم وفقها حركتها والفرضية لا تأتي من التجربة بل من الخيال برأي روني طوم، وأخيرا الصياغة الرياضية للقانون العلمي.

نعتبر، إذن، أن الصفة التجريبية للنظرية العلمية متعلقة بمنطلقها الابستيمولوجي في المعرفة، أي التجربة/الواقع.

ثانيا، البناء العقلي للنظرية العلمية

إنني على يقين أن البناء الرياضي الخالص يمكننا من اكتشاف المفاهيم والقوانين التي تسمح بفهم ظواهر الطبيعة.

ألبرت إنشتاين «هكذا أرى العالم»

أطروحة ألبرت إنشتاين

1-مكونات النسق في الفيزياء النظرية

تدرس الفيزياء النظرية الظواهر الفيزيائية دراسة نظرية تعتمد الاستنباط المنطقي والاستدلال الرياضي، خاصة في دراسة الظواهر المتناهية في الصغر والكبر التي يصعب، في المرحلة الراهنة للمعرفة العلمية، تناولها تجريبيا.

يتكون النسق في الفيزياء النظرية، بحسب إنشتاين، من: «أفكار ومن قوانين أساسية تربط بين تلك الأفكار وقضايا مشتقة منها بواسطة الاستنباط المنطقي»

2-العقلانية المبدعة

يتضح إذن أن المنطلق في الفيزياء النظرية، الفيزياء الكوانطية مثلا، هو العقل الذي يبرز دوره التأسيسي في البناء الرياضي للمفاهيم والمبادئ وفي الاستنباط المنطقي للنتائج؛

يشتغل العقل بكامل الحرية في الفيزياء النظرية ذلك أن: «المفاهيم والمبادئ هي إبداعات حرة للعقل البشري ولا يمكن أن تبرر قبليا لا بواسطة طبيعة العقل البشري ولا بأي طريقة كانت» (إنشتاين).

تؤسس هذه الحرية للإبداع في بناء الأنساق المعرفية التي تمكن من فهم وتفسير العالم.

تلعب التجربة دورا ثانويا، في الفيزياء النظرية. يتحدد هذا الدور في قول إنشتاين: «يمكن للتجربة... أن توجهنا في اختيار المفاهيم الرياضية التي توظفها، لكن التجربة ليست هي المنبع الذي تصدر عنه».

أي أن «المبدأ الخلاق في العلم لا يوجد في التجربة بل في العقل الرياضي».

مثال

نظرية النسبية العامة لإنشتين

أبدع إنشتاين نظريتين في النسبية. النسبية الخاصة والنسبية العامة.

النسبية الخاصة، قد تكون الفكرة الأكثر أهمية فيها هي أن الزمن والمكان ليسا إطارين ثابتين وقبليين لكل حركات الكون.

المكان والزمن يتغيران من نقطة إلى أخرى ومن شخص لآخر.

النسبية العامة تفسر ظاهرة الجاذبية بتجاوز مفهوم القوة الذي يفترضه إسحاق نيوتن. (بالنسبة لنيوتن فدوران الأرض حول الشمس متعلق بالقوة التي تمارسها الشمس عليها).

ترتبط حركة الكواكب في استدلالات إنشتاين بالتغيير الذي تحدثه كتلتها في بنية الزمان-المكان.

أدرك إنشتين أن الفضاء ليس سلبيا. وإنما يستجيب للأشياء الثقيلة بالانحناء.

تقدم نظرية النسبية العامة درسا آخر وهو أن المكان والزمن ينحنيان على بعضهما البعض، فهما غير قابلين للفصل أبدا. يمكن أن يتغير الزمن جراء وجود الأجسام الفائقة الكتلة (الزمكان).

 

المرجع: موقع ناسا العربي. WWW.NASAINARABIC.NET

نظرية النسبية العامة
-مثال أول-

يمكن أن نوضح هذه الفكرة بالمثال التالي:

يشبه الفضاء عند إنشتاين قطعة ثوب مرنة بحيث يمكن تشبيه نجمة واحدة بقطعة حجرية تغير شكل الثوب محدثة مجالا للجاذبية.

تتحرك الأجسام في خط مستقيم إلى أن تصل إلى هذا المجال الذي أحدثته النجمة فتدخل في حركة دائرية حوله بحسب سرعتها.

أي أن عملية التجاذب ليست مشروطة بالقوة وإنما ببنية الزمان-المكان.

 

نظرية النسبية العامة
-مثال ثاني-

تخيل أن الشمس جسم ثقيل يوجد في الفضاء.

سينشأ في مكان الشمس مجال مجوف.

نفترض أن الأرض تقترب من مجال الشمس.

ستبدأ الأرض بالدوران حول الشمس، لأنها أكبر كتلة، عوض أن تتحرك في خط مستقيم.

 

النسق النظري لنظرية النسبية

ترتبط نظرية النسبية لإنشتين بجهد رياضي وتأملي، لا ينطلق من المعطيات التجريبية بل من العقل الرياضي.

فالقوانين الفيزيائية تبنى بواسطة معادلات رياضية واستنباطات منطقية.

تعبر معادلة تكافؤ الطاقة والمادة عن ذلك.: E=mc2 (حيث E= الطاقة وm= الكتلة وc= سرعة الضوء.)

نستنتج إذن أن العقل قادر على تفسير وفهم الظواهر الطبيعية. لكن هل هذا يعني الاستغناء عن التجربة؟

ثالثا، حوار العقل والتجربة في العلم المعاصر

نظرية الانفجار العظيم

تفسر هذه النظرية تاريخ الكون من اللحظة 43-10 ثانية إلى الآن.

يقدر عمر الكون بحوالي 13,7 مليار سنة.

بدأ الكون بحالة طاقية متناهية الصغر (35-10 سم)، شديدة الكثافة والحرارة. تعرف هذه اللحظة ب زمن بلانك 1.

يمكن أن نسمي هذه المرحلة بمرحلة رتق الكون لأن الزمن والمكان والضوء والطاقة كانت متماهية.

ستظهر بعد ذلك القوى الأربعة الأساسية التي تؤثر في المادة: الجاذبية، القوة النووية الضعيفة والقوة النووية الشديدة واللإلكتروميغناطيسية.

في الثانية 11-10 ستستقل القوى الأربعة بصورة نهائية حيث سيعرف الكون توسعا هائلا.

في الدقائق الثلاثة الأولى ستظهر النويات الأولى، وخاصة نويات الهيدروجين التي ستتجمع لتكون الهيدروجين الثقيل(الدوريون) والهيليوم. حرارة الكون تقدر بمليار درجة. الكون المرئي يتكون من 73% من الهيدروجين و25 % من الهيليوم.

 

 

بناء النسق في نظرية الانفجار العظيم Bige Bang Theory

 

 

 

 

استنتاجات

أطروحة غاستون باشلار

يتبنى الابستيمولوجي الفرنسي غاستون باشلار أطروحة أن المعرفة العلمية المعاصرة تؤمن بحوار العقل والتجربة وتأثيرهما المتبادل في بناء الأنساق العلمية. كما هو واضح في نظرية الانفجار الكوني والفيزياء المعاصرة.

غيرت هذه العلاقة الدلالة المستقرة لمفهومي العقل والواقع؛ ليس العقل بنية ثابتة بل هو بنية متغيرة، يوجد في علاقة جدلية مع المعرفة التي ينتجها. أي التسليم بفكرة تاريخية العقل. ليس الواقع معطى تتلقاه الذات العارفة بل هو بناء تقني-عقلاني. كما هو واضح في الميكروفيزياء ونظرية الانفجار الكوني وغيرها.....

يتبين إذن أن المعرفة العلمية المعاصرة يتضافر في بناء أنساقها النظرية عمل العقل في الاستدلال والاستنباط والخيال... وعمل التجربة المتمثل في الملاحظة والقياس والتجريب المعتمد على الوسائل التقنية الفعالة.

يستغني العلم المعاصر عن الثنائية الكلاسيكية: ثنائية العقل والتجربة أو الفكر والواقع.

تقر العقلانية المطبقة بالعلاقة الجدلية بين الفكر والواقع. فعمل العقل ينطبق على التجربة مثلما أن التجربة توجه وتبنى في انسجام مع مبادئ العقل ومنطقه المبدع....

ورغم الجهد المبذول لمعرفة الكون المادي تبقى نسبتها محدودة بالنظر إلى اتساع وغنى ما هو موجود.

المحور الثاني

معايير علمية النظريات

مقدمة

يمكن أن نعتبر تاريخ العلم تاريخ نظريات متغيرة وقابلة للتكذيب؛ توسع المعرفة العلمية من دائرة الحقيقة لكنها تبقى في صراع مستمر مع الخطأ الذي يرتبط الخطأ بمتغيرات موضوعية وذاتية.

تتحدد المتغيرات الموضوعية في امتداد موضوع المعرفة من المتناهي في الصغر إلى المتناهي في الكبر، كما أنه لا ينكشف للذات إلا بنسب قليلة لا تتجاوز نسبة العشرة بالمئة بالنسبة للكون المادي.

ترتبط المتغيرات الذاتية بمحدودية القدرة الإنسانية مقارنة بامتداد الموضوع وغناه، علاوة على التأويلات القيمية للعلماء. (محمد جاسوس، في كتابه" رهانات الفكر السوسيولوجية بالمغرب".

تتحدد علمية النظريات باستيفائها لمعايير يختلف فلاسفة العلم في الاتفاق عليها.

تساؤل

ما الذي يحدد علمية النظريات؟ هل قابليته للتصديق من خلال قابليتها للتحقق التجريبي أم قابليتها للتفنيد؟

 

أطروحات إبستيمولوجية

أولا، أطروحة بيير تويليي في كتاب: «اشتغالات العلم ورهاناته»

تعدد الاختبارات كمعيار لعلمية النظريات

ينتقد بيير تويليي القول بأن التحقق التجريبي معيار مطلق لعلمية النظريات، لأنه:

لا وجود لتجربة حاسمة، كما يقول بيير دوهيم4، أي تجربة تثبت نظرية من النظريات قطعيا،

تخترق عملية التحقق التجريبي ملاحظات وفرضيات جديدة متعلقة بالموضوع، «قد تضع النظرية المعنية في مجازفة خطيرة».

عملية التحقق التجريبي، إذن، عملية معقدة بالنظر إلى امتناع وجود أي نظرية تعكس حقيقة الموضوع ولأن أية تجربة علمية تحتاج إلى نظريات أخرى.

وهو ما يفرض أمرين: - الانفتاح على نظريات أخرى+ - تعدد الاختبارات.

  • يستلهم تويليي من عالم الفيزياء الكندي ماريو ب ونج5 المعيار التالي للحكم على النظريات العلمية: تعدد الاختبارات التجريبية والمقارنة بينها والتماسك المنطقي للنظرية وما بين النظريات الأخرى.
  • يقول تويليي: «لا يشكل الفحص التجريبي... إلا فحصا من بين فحوص أخرى، ذلك أن اختبارات التماسك المنطقي... تبقى لها مكانة في التكوين الفعلي للعلم».
  • مثال: ظاهرة الجاذبية يمكن التمييز بين ُ ثلاث نظريات: نظرية التجاذب الكوني لنيوتن والنسبية العامة لإنشتين والفيزياء الكوانطية.
  •  

ثانيا، أطروحة كارل بوبر في كتاب «أسطورة الإطار، في الدفاع عن العلم والعقلانية»

معيار القابلية للتفنيد

ينتقد كارل بوبر الاكتفاء بالتجربة والملاحظة لإثبات علمية نظرية من النظريات. فالتجريب يتضمن دائما نتائج محتملة يمكنها تفنيد النظرية.

أي أن النظرية التجريبية هي التي تبين كيف يمكن تكذيبها وتفنيدها.

وبالتالي فالمعيار الذي يقترحه بوبر هو معيار القابلية للتكذيب (التفنيد) أو «الاختبار»: «ذلك أن اختبار نظرية ما كاختبار جزء من آلة ميكانيكية، يعني محاولة تبين العيب فيها»..

خلاصات وانفتاحات

يتضح إذن أن التحقق التجريبي ليس كافيا للفصل في علمية النظريات؛

تنسجم هذه الخلاصة مع طبيعة المعرفة العلمية التي لا تعبر عن الواقع ولا تعكسه بقدر ما تترجم معرفتها إلى نظريات قابلة للتفنيد؛

يمكن القول بأن الثورات العلمية المعاصرة غيرت عددا من المعايير المعرفية التي استقرت في تاريخ الفكر البشري منذ البداية، مثل المبادئ المنطقية الأرسطية، ومفهوم العقل والواقع مما يؤكد الطابع النسبي والمحدود للمعرفة البشرية.

لا تبنى المعرفة العلمية إلا بالحوار بين العالم/الإنسان والكون، إن ذات العالم تشتغل بكينونتها الكلية لفهم وتفسير الكون، بغاية هي إدراك الحقيقة.

ماهي قيمة العلم الموضوعي وماهي حدوده؟

لكن ما معنى الحقيقة؟ هل تتميز بمعايير دالة عليها وعلى الخطأ؟ هل الخطأ نقيض الحقيقة أم العنف؟ أليست الحقيقة مجرد وهم؟ لماذا تطلب الحقيقة؟ هل لقيمتها الأخلاقية أم العملية؟ ما الذي يحكم؟ الحقيقة أم السلطة؟ هل سلطة الحقيقة أم حقيقة السلطة؟

 

ملحقات

أعلام

ماكس بلانك

1- عالم فيزياء ألماني ولد في 23 أبريل سنة 1858 وتوفي سنة 1947

من رواد الفيزياء الكوانطية التي ثورت تصور الناس للذرة ومكوناتها وحركتها.

2- إدوين هابل

عالم فلك أمريكي، ولد سنة 1889 وتوفي سنة 1953. له فضل اكتشاف مجرات غير درب التبانة بملاحظته التباعد بين المجرات كدليل على توسع الكون.

3- بيير دوهيم

كيميائي وإبستيملوجي فرنسي، ولد سنة 1861 وتوفي سنة 1919، من أعماله: النظرية الفيزيائية

4-بانزياس وويلسون

اشتهرا باكتشاف الإشعاع الكوني الذي يؤشر على الانفجار العظيم.

* أرنو ألان بانزياس، عالم أمريكي من أصل ألماني، حاصل على جائزة نوبل في الفيزياء سنة 1978، ولد سنة 1933 بميونيخ بألمانيا.

* روبير وندرو ويلسون فيزيائي أمريكي ولد سنة 1936ن حاصل على جائزة نوبل مناصفة مع بانزياس سنة 1978

المراجع

محمد وقيدي، «ماهي الابستيمولوجي»

الموقع الإلكتروني للمركز الفرنسي للبحث العل ميwww.cnrs.fr

الموقع الإلكتروني لموسوعتي «العالمية» www.universalis.fr

و «بريطانيا» www.britannica.com

www.nasainarabic.net

الكتاب المدرسي للسنة الثانية باكالوريا «في رحاب الفلسفة»

إنجاز

 

عبد السلام أولباز

 

ثانوية محمد السادس

المديرية الإقليمية للتعليم بورززات

 

 

السنة الدراسية 2015-2016

 

 

Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article